الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الطبري المسمى بـ «جامع البيان في تأويل آي القرآن» ***
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يُقَالُ لِهَؤُلَاءِ الْمُجْرِمِينَ الَّذِينَ أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُمْ يُعْرَفُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِسِيمَاهُمْ حِينَ يُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ: هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ، فَتَرَكَ ذِكْرَ "يُقَال" اكْتِفَاءً بِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ. وَهَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمَا بِهَا تُكَذِّبَانِ تَصْلَيَانِهَا لَا تَمُوتَانِ فِيهَا وَلَا تَحْيَيَانِ. وَقَوْلُهُ: {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَطُوفُ هَؤُلَاءِ الْمُجْرِمُونَ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَتَهُمْ فِي جَهَنَّمَ بَيْنَ أَطْبَاقِهَا {وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} يَقُولُ: وَبَيْنَ مَاءٍ قَدْ أُسْخِنَ وَأُغْلِيَ حَتَّى انْتَهَى حَرُّهُ وَأَنَى طَبْخُهُ، وَكُلُّ شَيْءٍ قَدْ أَدْرَكَ وَبَلَغَ فَقَدَ أَنَى، وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} يَعْنِي: إِدْرَاكَهُ وَبُلُوغَهُ، كَمَا قَالَ: نَابِغَةُ بَنِي ذُبْيَانَ: وَيُخْضَبُ لِحْيَةٌ غَدَرَتْ وَخَانَتْ *** بِأَحْمَرَ مِنْ نَجِيعِ الْجَوْفِ آنِي يَعْنِي: مُدْرِكٌ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: {وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} يَقُولُ: انْتَهَى حَرُّهُ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} يَقُولُ: غَلَى حَتَّى انْتَهَى غَلْيُهُ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} قَالَ: قَدْ بَلَغَ إِنَاهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، قَالَ: الْآنِي الَّذِي قَدِ انْتَهَى حَرُّهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا شَبِيبٌ، عَنْ بِشْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} قَالَ: الْآنِي: مَا اشْتَدَّ غَلَيَانُهُ وَنُضْجُهُ. حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: (حَمِيمٍ آنٍ): هُوَ الَّذِي قَدِ انْتَهَى غَلْيُهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ، عَنْ قَتَادَةَ {وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} قَالَ: أَنَى طَبْخُهَا مُنْذُ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} يَقُولُ: حَمِيمٍ قَدْ أَنَى طَبْخُهُ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الْحَسَنِ (حَمِيمٍ آنٍ) يَقُولُ: حَمِيمٌ قَدْ آنَ مُنْتَهَى حَرُّهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ (حَمِيمٍ آنٍ) قَالَ: قَدِ انْتَهَى حَرُّهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنَى بِالْآنِي الْحَاضِرَ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} قَالَ: يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ حَاضِرٍ، الْآنِي: الْحَاضِرُ. وَقَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} يَقُولُ: فَبِأَيِّ نِعَمِ رَبِّكُمَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْكُمْ-بِعُقُوبَتِهِ أَهْلَ الْكُفْرِ بِهِ، وَتَكْرِيمِهِ أَهْلَ الْإِيمَانِ بِهِ- تُكَذِّبَانِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ذَوَاتَا أَفْنَانٍ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلِمَنِ اتَّقَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ-فَخَافَ مَقَامَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَطَاعَهُ بِأَدَاءِ فَرَائِضِهِ، وَاجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ- جَنَّتَانِ، يَعْنِي بُسْتَانَيْنِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُهُمْ فِي الْبَيَانِ عَنْ تَأْوِيلِهِ، غَيْرَ أَنَّ مَعْنَى جَمِيعِهِمْ يَئُولُ إِلَى هَذَا.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} قَالَ: وَعَدَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ خَافُوا مَقَامَهُ، فَأَدَّوْا فَرَائِضَهُ الْجَنَّةَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} يَقُولُ: خَافَ ثُمَّ اتَّقَى، وَالْخَائِفُ: مَنْ رَكِبَ طَاعَةَ اللَّهِ، وَتَرَكَ مَعْصِيَتَهُ. حَدَّثَنِي أَبُو السَّائِبِ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}، هُوَ الرَّجُلُ يَهُمُّ بِالذَّنْبِ، فَيَذْكُرُ مَقَامَ رَبِّهِ فَيَنْزِعُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} قَالَ: الرَّجُلُ يَهُمُّ بِالذَّنْبِ فَيَذْكُرُ مَقَامَهُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ فَيَتْرُكُهُ، فَلَهُ جَنَّتَانِ. قَالَ: ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} قَالَ: الرَّجُلُ يَهُمُّ بِالْمَعْصِيَةِ، فَيَذْكُرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَيَدَعُهَا. قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} قَالَ: فِي الَّذِي إِذَا هَمَّ بِمَعْصِيَةٍ تَرَكَهَا. حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} قَالَ: هُوَ الرَّجُلُ يَهُمُّ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ يَتْرُكُهَا مَخَافَةَ اللَّهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} قَالَ: يُذْنِبُ الذَّنْبَ فَيَذْكُرُ مَقَامَ رَبِّهِ فَيَدَعُهُ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} قَالَ: إِذَا أَرَادَ أَنْ يُذْنِبَ أَمْسَكَ مَخَافَةَ اللَّهِ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} قَالَ: إِنِ الْمُؤْمِنِينَ خَافُوا ذَاكُمُ الْمَقَامَ فَعَمِلُوا لَهُ، وَدَانُوا لَهُ، وَتَعَبَّدُوا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ، قَالَ: ثَنَا قَتَادَةُ، فِي قَوْلِهِ: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ مَقَامًا قَدْ خَافَهُ الْمُؤْمِنُونَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ، «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَالَ: وَإِنْ زَنَى وَسَرَقَ وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبِي الدَّرْدَاء». وَحَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبَانَ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: «أَخْبَرَنِي أَبُو الدَّرْدَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَرَأَ يَوْمًا هَذِهِ الْآيَةَ {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}، فَقُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} قَالَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَالَ: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} فَقُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: " وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ رَغِمَ أَنْفُ أَبِي الدَّرْدَاءِ "». حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: ثَنَا مُؤَمَّلُ، قَالَ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَمَّادٌ لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا رَفَعَهُ فِي قَوْلِهِ: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} قَالَ: جَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ لِلْمُقَرَّبِينَ أَوْ قَالَ: لِلسَّابِقِينَ، وَجَنَّتَانِ مِنْ وَرِقٍ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا الْمُعْتَمِرُ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ثَنَا سَيَّارٌ، قَالَ: قِيلَ لِأَبِي الدَّرْدَاءِ فِي هَذِهِ الْآيَةِِ {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} فَقِيلَ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ، فَقَالَ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ. وَقَالَ: إِنَّهُ إِنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ لَمْ يَزْنِ وَلَمْ يَسْرِقْ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ سَعِيدٍ الْجَرِيرِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، «عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} فَقَالَ: أَبُو الدَّرْدَاءِ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ، قَالَ: " نَعَمْ، وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبِي الدَّرْدَاءِ "». حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ الصَّلْتِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} قَالَ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} قَالَ: جَنَّتَا السَّابِقِينَ، فَقَرَأَ (ذَوَاتَا أَفْنَانٍ)، فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ}، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِ الْيَمِينِ، فَقَالَ: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ}، فَذَكَرَ فَضْلَهُمَا وَمَا فِيهِمَا. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} قَالَ: مَقَامُهُ حِينَ يَقُومُ الْعِبَادُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقَرَأَ {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} وَقَالَ: ذَاكَ مَقَامُ رَبِّكَ. وَقَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَبِأَيِّ نِعَمِ رَبِّكُمَا أَيُّهَا الثَّقَلَانِ-الَّتِي أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ بِإِثَابَتِهِ الْمُحْسِنَ مِنْكُمْ مَا وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ- تُكَذِّبَانِ. وَقَوْلُهُ: (ذَوَاتَا أَفْنَانٍ) يَقُولُ: ذَوَاتَا أَلْوَانٍ، وَاحِدُهَا فَنٍّ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ: افْتَنَّ فُلَانٌ فِي حَدِيثِهِ: إِذَا أَخَذَ فَى فُنُونٍ مِنْهُ وَضُرُوبٍ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ يَزِيدَ الطَّحَّانُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: (ذَوَاتَا أَفْنَانٍ) قَالَ: ذَوَاتَا أَلْوَانٍ. حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ النُّعْمَانِ، عَنْ عِكْرِمَةَ (ذَوَاتَا أَفْنَانٍ) قَالَ: ظِلُّ الْأَغْصَانِ عَلَى الْحِيطَانِ، قَالَ: وَقَالَ الشَّاعِرُ: مَا هَاجَ شَوْقَكَ مِنْ هَدِيلِ حَمَامَةٍ *** تَدْعُو عَلَى فَنَنِ الْغُصُونِ حَمَامَا تَدْعُو أَبَا فَرْخَيْنِ صَادَفَ ضَارِيًا *** ذَا مِخْلَبَيْنِ مِنَ الصُّقُورِ قَطَامَا. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُجَاهِدٍ (ذَوَاتَا أَفْنَانٍ) قَالَ: ذَوَاتَا أَلْوَانٍ. قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ (ذَوَاتَا أَفْنَانٍ) قَالَ: ذَوَاتَا أَلْوَانٍ. حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: ثَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: (ذَوَاتَا أَفْنَانٍ) يَقُولُ: أَلْوَانٌ مِنَ الْفَاكِهَةِ. وَقَالَ آخَرُونَ: ذَوَاتَا أَغْصَانٍ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، عَنْ مُجَاهِدٍ (ذَوَاتَا أَفْنَانٍ) قَالَ: ذَوَاتَا أَغْصَانٍ. وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: ذَوَاتَا أَطْرَافِ أَغْصَانِ الشَّجَرِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: (ذَوَاتَا أَفْنَانٍ) يَقُولُ: فِيمَا بَيْنَ أَطْرَافِ شَجَرِهَا، يَعْنِي: يَمَسُّ بَعْضُهَا بَعْضًا كَالْمَعْرُوشَاتِ، وَيُقَالُ: ذَوَاتَا فُضُولٍ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ عَنَى بِذَلِكَ فَضْلَهُمَا وَسِعَتَهُمَا عَلَى مَا سِوَاهُمَا.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: (ذَوَاتَا أَفْنَانٍ) يَعْنِي فَضْلَهُمَا وَسِعَتَهُمَا عَلَى مَا سِوَاهُمَا. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: (ذَوَاتَا أَفْنَانٍ) قَالَ: ذَوَاتَا فَضْلٍ عَلَى مَا سِوَاهُمَا. وَقَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَبِأَيِّ نِعَمِ رَبِّكُمَا مَعْشَرَ الثَّقَلَيْنِ الَّتِي أَنْعَمَ عَلَيْكُمَا بِإِثَابَتِهِ هَذَا الثَّوَابِ أَهْلَ طَاعَتِهِ- تُكَذِّبَانِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِي هَاتَيْنِ الْجَنَّتَيْنِ عَيْنَا مَاءٍ تَجْرِيَانِ خِلَالَهُمَا، فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ. وَقَوْلُهُ: {فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فِيهِمَا مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنَ الْفَاكِهَةِ ضَرْبَانِ، فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا-الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَى أَهْلِ طَاعَتِهِ مِنْ ذَلِكَ تُكَذِّبَانِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} يَتَنَعَّمُونَ فِيهِمَا، {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ}، فَنَصَبَ مُتَّكِئِينَ عَلَى الْحَالِ مِنْ مَعْنَى الْكَلَامِ الَّذِي قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي قَبْلَهُ بِمَعْنَى الْخَبَرِ عَمَّنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ أَنَّهُ فِي نِعْمَةٍ وَسُرُورٍ، يَتَنَعَّمُونَ فِي الْجَنَّتَيْنِ. وَقَوْلُهُ: {عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: بَطَائِنُ هَذِهِ الْفُرُشِ مِنْ غَلِيظِ الدِّيبَاجِ، وَالْإِسْتَبْرَقُ عِنْدَ الْعَرَبِ: مَا غَلُظَ مِنَ الدِّيبَاجِ وَخَشُنَ. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَقُولُ: يُسَمَّى الْمَتَاعُ الَّذِي لَيْسَ فِي صَفَاقَةِ الدِّيبَاجِ، وَلَا خُفَّةِ الْعَرَقَةِ إِسْتَبْرَقًا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ. *
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْقَزَّازُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ، قَالَ لِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: مَا الْإِسْتَبْرَقُ؟ قَالَ، قُلْتُ: مَا غَلُظَ مِنَ الدِّيبَاجِ وَخَشُنَ مِنْهُ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: (إِسْتَبْرَقٍ) قَالَ: الدِّيبَاجُ الْغَلِيظُ. وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ زَيْدٍ الْخَطَّابِيُّ، قَالَ: ثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ: {فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} قَالَ: قَدْ أُخْبِرْتُمْ بِالْبَطَائِنِ، فَكَيْفَ لَوْ أُخْبِرْتُمْ بِالظَّوَاهِرِ؟. حَدَّثَنَا الرِّفَاعِيُّ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ الْيَمَانِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هُبَيْرَةَ، قَالَ: هَذِهِ الْبَطَائِنُ فَمَا ظَنُّكُمْ بِالظَّوَاهِرِ؟. حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ يَعْقُوبَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، قَالَ: قِيلَ لَهُ: هَذِهِ الْبَطَائِنُ مِنْ إِسْتَبْرَقٍ فَمَا الظَّوَاهِرُ؟ قَالَ: هَذَا مِمَّا قَالَ اللَّهُ {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}. وَقَدْ زَعَمَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّ الْبِطَانَةَ قَدْ تَكُونُ ظِهَارَةً، وَالظِّهَارَةَ تَكُونُ بِطَانَةً، وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ يَكُونُ وَجْهًا. قَالَ: وَتَقُولُ الْعَرَبُ: هَذَا ظَهْرُ السَّمَاءِ، وَهَذَا بَطْنُ السَّمَاءِ لِظَاهِرِهَا الَّذِي نَرَاهُ. وَقَوْلُهُ: {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} يَقُولُ: وَثَمَرُ الْجَنَّتَيْنِ الَّذِي يُجْتَنَى قَرِيبٌ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَتْعَبُونَ بِصُعُودِ نَخْلِهَا وَشَجَرِهَا، لِاجْتِنَاءِ ثَمَرِهَا، وَلَكِنَّهُمْ يَجْتَنُونَهَا مِنْ قُعُودٍ بِغَيْرِ عَنَاءٍ. كَمَا حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ}: ثِمَارُهُمْ دَانِيَةٌ، لَا يَرُدُّ أَيْدِيَهُمْ عَنْهُ بُعْدٌ وَلَا شَوْكٌ. ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يَقْطَعُ رَجُلٌ ثَمَرَةً مِنَ الْجَنَّةِ، فَتَصِلُ إِلَى فِيهِ حَتَّى يُبَدِّلَ اللَّهُ مَكَانَهَا خَيْرًا مِنْهَا». حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} قَالَ: لَا يَرُدُّ يَدَهُ بُعْدٌ وَلَا شَوْكٌ. حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} يَقُولُ: ثِمَارُهَا دَانِيَةٌ. وَقَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا مَعْشَرَ الثَّقَلَيْنِ الَّتِي أَنْعَمَ عَلَيْكُمَا-مَنْ أَثَابَ أَهْلَ طَاعَتِهِ مِنْكُمْ هَذَا الثَّوَابَ، وَأَكْرَمَهُمْ هَذِهِ الْكَرَامَةَ- تُكَذِّبَانِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِي هَذِهِ الْفُرُشِ الَّتِي بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ {قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ}، وَهُنَّ النِّسَاءُ اللَّاتِي قَدْ قَصُرَ طَرْفُهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ، فَلَا يَنْظُرْنَ إِلَى غَيْرِهِمْ مِنَ الرِّجَالِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} قَالَ: قَصُرَ طَرْفُهُنَّ عَنِ الرِّجَالِ، فَلَا يَنْظُرْنَ إِلَّا إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ}.... الْآيَةَ، يَقُولُ: قَصُرَ طَرْفُهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ، فَلَا يُرِدْنَ غَيْرَهُمْ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ} قَالَ: لَا يَنْظُرْنَ إِلَّا إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ، تَقُولُ: وَعِزَّةِ رَبِّي وَجَلَالِهِ وَجَمَالِهِ، إِنْ أَرَى فِي الْجَنَّةِ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْكَ، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَكَ زَوْجِي، وَجَعَلَنِي زَوْجَكَ. وَقَوْلُهُ: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} يَقُولُ: لَمْ يَمَسَّهُنَّ إِنْسٌ- قَبْلَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَصَفَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ صِفَتَهُمْ، وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمْ {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}.- وَلَا جَانٌّ يُقَالُ مِنْهُ: مَا طَمَثَ هَذَا الْبَعِيرَ حَبْلٌ قَطُّ: أَيِ مَا مَسَّهُ حَبْلٌ. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ مِنَ الْكُوفِيِّينَ يَقُولُ: الطَّمْثُ هُوَ النِّكَاحُ بِالتَّدْمِيَةِ، وَيَقُولُ: الطَّمْثُ هُوَ الدَّمُ، وَيَقُولُ: طَمَثَهَا إِذَا دَمَّاهَا بِالنِّكَاحِ. وَإِنَّمَا عَنَى فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّهُ لَمْ يُجَامِعْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} يَقُولُ: لَمْ يُدْمِهِنَّ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ رَجُلٍ عَنْ عَلِيٍّ {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} قَالَ: مُنْذُ خَلْقِهِنَّ. حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ يَزِيدَ الطَّحَّانُ، قَالَ: ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: لَا تَقُلْ لِلْمَرْأَةِ طَامِثٌ، فَإِنَّ الطَّمْثَ هُوَ الْجِمَاعُ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ}. حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} قَالَ: لَمْ يَمَسَّهُنَّ شَيْءٌ إِنْسٌ وَلَا غَيْرُهُ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} قَالَ: لَمْ يَمَسَّهُنَّ. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْآمُلِيُّ، قَالَ: ثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْعَالِيَةِ امْرَأَةٌ طَامِثٌ، قَالَ: مَا طَامِثٌ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: حَائِضٌ، فَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: حَائِضٌ، أَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ}. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَهَلْ يُجَامِعُ النِّسَاءَ الْجِنُّ، فَيُقَالُ: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ}؟ فَإِنَّ مُجَاهِدًا رُوِيَ عَنْهُ مَا حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: ثَنَا سَهْلُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى الْأَسْلَمِيُّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ وَلَمْ يُسَمِّ، انْطَوَى الْجَانُّ عَلَى إِحْلِيلِهِ فَجَامَعَ مَعَهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ}. وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَنْتَزِعُ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي أَنَّ الْجِنَّ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي أَبُو حُمَيْدٍ أَحْمَدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْحِمْصِيُّ، قَالَ: ثَنِي أَبُو حَيْوَةَ شُرَيْحُ بْنُ يَزِيدَ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: ثَنِي أَرْطَاةُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قَالَ: سَأَلْتُ ضَمْرَةَ بْنَ حَبِيبٍ: هَلْ لِلْجِنِّ مِنْ ثَوَابٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ نَزَعَ بِهَذِهِ الْآيَةِ {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ}، فَالْإِنْسِيَّاتُ لِلْإِنْسِ، وَالْجِنِّيَّاتُ لِلْجِنِّ. وَقَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ-مِنْ هَذِهِ النِّعَمِ الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَى أَهْلِ طَاعَتِهِ تُكَذِّبَانِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: كَأَنَّ هَؤُلَاءِ الْقَاصِرَاتِ الطَّرْفِ، اللَّوَاتِي هُنَّ فِي هَاتَيْنِ الْجَنَّتَيْنِ فِي صَفَائِهِنَّ الْيَاقُوتُ، الَّذِي يُرَى السِّلْكُ الَّذِي فِيهِ مِنْ وَرَائِهِ، فَكَذَلِكَ يُرَى مُخُّ سُوقِهِنَّ مِنْ وَرَاءِ أَجْسَامِهِنَّ، وَفِي حُسْنِهِنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ. ذِكْرُ الْأَثَرِ الَّذِي رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، قَالَ: ثَنَا عُبَيْدَةُ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الْمَرْأَةَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَيُرَى بَيَاضُ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ سَبْعِينَ حُلَّةً مِنْ حَرِيرِ وَمُخُّهَا، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} أَمَّا الْيَاقُوتُ فَإِنَّهُ لَوْ أَدْخَلْتَ فِيهِ سِلْكًا ثُمَّ اسْتَصْفَيْتَهُ لَرَأَيْتَهُ مِنْ وَرَائِه». حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ الْمَرْأَةَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَتَلْبَسُ سَبْعِينَ حُلَّةً مِنْ حَرِيرٍ، يُرَى بَيَاضُ سَاقِهَا وَحُسْنُ سَاقِهَا مِنْ وَرَائِهِنَّ، ذَلِكُمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ}، أَلَّا وَإِنَّمَا الْيَاقُوتُ حَجَرٌ فَلَوْ جَعَلْتَ فِيهِ سِلْكًا ثُمَّ اسْتَصْفَيْتَهُ، لَنَظَرْتَ إِلَى السِّلْكِ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ. قَالَ: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ}، فِي بَيَاضِ الْمَرْجَانِ. حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، قَالَ: ثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ: أَنَّ الْمَرْأَةَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَتَلْبَسُ سَبْعِينَ حُلَّةً مِنْ حَرِيرٍ، فَيُرَى بَيَاضُ سَاقِهَا وَحُسْنُهُ، وَمُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ قَالَ {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ}، أَلَا تَرَى أَنَّ الْيَاقُوتَ حَجَرٌ، فَإِذَا أَدْخَلْتَ فِيهِ سِلْكًا، رَأَيْتَ السِّلْكَ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: " إِنَّ الْمَرْأَةَ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ لَتَلْبَسُ سَبْعِينَ حُلَّةً، فَيُرَى مُخُّ سَاقِهَا كَمَا يُرَى الشَّرَابُ الْأَحْمَرُ فِي الزُّجَاجَةِ الْبَيْضَاءِ ". حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ، قَالَ: ثَنَا الْمُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ السُّدِّيِّ، فِي قَوْلِهِ: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} قَالَ: صَفَاءُ الْيَاقُوتِ وَحُسْنُ الْمَرْجَانِ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} صَفَاءُ الْيَاقُوتِ فِي بَيَاضِ الْمَرْجَانِ. ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ فَلَهُ فِيهَا زَوْجَتَانِ يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ ثِيَابِهِمَا». حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ، عَنْ قَتَادَةَ {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} قَالَ: شَبَّهَ بِهِنَّ صَفَاءَ الْيَاقُوتِ فِي بَيَاضِ الْمَرْجَانِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ}: فِي صَفَاءِ الْيَاقُوتِ وَبَيَاضِ الْمَرْجَانِ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} قَالَ: كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ فِي الصَّفَاءِ، وَالْمَرْجَانُ فِي الْبَيَاضِ، الصَّفَاءُ: صَفَاءُ الْيَاقُوتَةِ، وَالْبَيَاضُ: بَيَاضُ اللُّؤْلُؤِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} قَالَ: فِي صَفَاءِ الْيَاقُوتِ وَبَيَاضِ الْمَرْجَانِ. وَقَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَبِأَيِّ نِعَمِ رَبِّكُمَا الَّتِي أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ مَعْشَرَ الثَّقَلَيْنِ- مِنْ إِثَابَتِهِ أَهِلَ طَاعَتِهِ مِنْكُمْ بِمَا وَصَفَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ- تُكَذِّبَانِ. وَقَوْلُهُ: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هَلْ ثَوَابُ خَوْفِ مَقَامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِمَنْ خَافَهُ، فَأَحْسَنَ فَى الدُّنْيَا عَمَلَهُ، وَأَطَاعَ رَبَّهُ، إِلَّا أَنْ يُحْسِنَ إِلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ رَبُّهُ، بِأَنْ يُجَازِيَهُ عَلَى إِحْسَانِهِ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا، مَا وَصَفَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ مِنْ قَوْلِهِ: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}... إِلَى قَوْلِهِ: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ}. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُهُمْ بِالْعِبَارَةِ عَنْهُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ، عَنْ قَتَادَةَ {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} قَالَ: عَمِلُوا خَيْرًا فَجُوزُوا خَيْرًا. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ بَكَّارٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: ثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} قَالَ: هَلْ جَزَاءُ مَنْ أَنْعَمْتُ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ إِلَّا الْجَنَّةُ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} قَالَ: أَلَا تَرَاهُ ذَكَرَهُمْ وَمَنَازِلَهُمْ وَأَزْوَاجَهُمْ، وَالْأَنْهَارَ الَّتِي أَعَدَّهَا لَهُمْ، وَقَالَ: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}: حِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا أَحْسَنَّا إِلَيْهِمْ، أَدْخَلْنَاهُمُ الْجَنَّةَ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ، عَنْ أَبِي يَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} قَالَ: هِيَ مُسَجَّلَةٌ لِلْبَرِّ وَالْفَاجِرِ. وَقَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} يَقُولُ: فَبِأَيِّ نِعَمِ رَبِّكُمَا مَعْشَرَ الثَّقَلَيْنِ الَّتِي أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ-مِنْ إِثَابَتِهِ الْمُحْسِنَ مِنْكُمْ بِإِحْسَانِهِ- تُكَذِّبَانِ؟
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ مُدْهَامَّتَانِ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمِنْ دُونِ هَاتَيْنِ الْجَنَّتَيْنِ-اللَّتَيْنِ وَصَفَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ صِفَتَهُمَا الَّتِي ذَكَرَ أَنَّهُمَا لِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ- جَنَّتَانِ. ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: (وَمِنْ دُونِهِمَا) فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فَقَالَ: بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: وَمِنْ دُونِهِمَا فِي الدَّرَجِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي قَيْسٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ "وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء" قَالَ: كَانَ عَرْشُ اللَّهِ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ جَنَّةً، ثُمَّ اتَّخَذَ دُونَهَا جَنَّةً أُخْرَى، ثُمَّ أَطْبَقَهُمَا بِلُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَةٍ. قَالَ: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} وَهِيَ الَّتِي لَا تَعْلَمُ- أَوْ قَالَ: وَهُمَا الَّتِي لَا تَعْلَمُ- نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ. قَالَ: وَهِيَ الَّتِي لَا تَعْلَمُ الْخَلَائِقُ مَا فِيهِمَا، أَوْ مَا فِيهَا، يَأْتِيهِمْ كُلَّ يَوْمٍ مِنْهَا أَوْ مِنْهُمَا تُحْفَةٌ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ بِنَحْوِهِ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: وَمِنْ دُونِهِمَا فِي الْفَضْلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ}: هُمَا أَدْنَى مِنْ هَاتَيْنِ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ. وَقَوْلُهُ {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} يَقُولُ: فَبِأَيِّ نِعَمِ رَبِّكُمَا الَّتِي أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ-بِإِثَابَتِهِ أَهْلَ الْإِحْسَانِ مَا وَصَفَ مِنْ هَاتَيْنِ الْجَنَّتَيْنِ- تُكَذِّبَانِ؟ وَقَوْلُهُ: (مُدْهَامَّتَانِ) يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مُسْوَادَّتَانِ مِنْ شِدَّةِ خُضْرَتِهِمَا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: (مُدْهَامَّتَانِ) يَقُولُ: خَضْرَاوَانِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: (مُدْهَامَّتَانِ) قَالَ: خَضْرَاوَانِ مِنَ الرِّيِّ، وَيُقَالُ: مُلْتَفَّتَانِ. حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ: ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ السُّلَمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَهُوَ يُفَسِّرُ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَهُوَ يَقُولُ: هَلْ تَدْرُونَ مَا (مُدْهَامَّتَانِ)؟ خَضْرَاوَانِ مِنَ الرِّيِّ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ هُوَ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، هَكَذَا قَالَ، قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: (مُدْهَامَّتَانِ) خَضْرَاوَانِ مِنَ الرِّيِّ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ: (مُدْهَامَّتَانِ) قَالَ: هُمَا خَضْرَاوَانِ مِنَ الرِّيِّ. حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الصَّبَاحِ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (مُدْهَامَّتَانِ) قَالَ: خَضْرَاوَانِ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطِيَّةَ (مُدْهَامَّتَانِ) قَالَ: خَضْرَاوَانِ مِنَ الرِّيِّ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ: ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ فِي قَوْلِهِ: (مُدْهَامَّتَانِ)، قَالَ: خَضْرَاوَانِ مِنَ الرِّيِّ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ (مُدْهَامَّتَانِ) قَالَ: عَلَاهُمَا الرِّيُّ مِنَ السَّوَادِ وَالْخُضْرَةِ. قَالَ: ثَنَا حَكَّامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ (مُدْهَامَّتَانِ) قَالَ: خَضْرَاوَانِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: (مُدْهَامَّتَانِ) قَالَ: مُسْوَادَّتَانِ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: (مُدْهَامَّتَانِ) يَقُولُ: خَضْرَاوَانِ مِنَ الرِّيِّ نَاعِمَتَانِ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: (مُدْهَامَّتَانِ) قَالَ: خَضْرَاوَانِ مِنَ الرِّيِّ: إِذَا اشْتَدَّتِ الْخُضْرَةُ ضَرَبَتْ إِلَى السَّوَادِ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: (مُدْهَامَّتَانِ) قَالَ: نَاعِمَتَانِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ (مُدْهَامَّتَانِ) قَالَ: مُسْوَادَّتَانِ مِنَ الرِّيِّ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} قَالَ: جَنَّتَا السَّابِقِينِ، فَقَرَأَ: (ذَوَاتَا أَفْنَانٍ)، وَقَرَأَ: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ}، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِ الْيَمِينِ، فَقَالَ: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ}، فَذَكَرَ فَضْلَهُمَا وَمَا فِيهِمَا، قَالَ: (مُدْهَامَّتَانِ) مِنَ الْخُضْرَةِ مِنْ شِدَّةِ خُضْرَتِهِمَا، حَتَّى كَادَتَا تَكُونَانِ سَوْدَاوَيْنِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ، قَالَ: ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْأَشْقَرُ، قَالَ: ثَنَا أَبُو كُدَيْنَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: (مُدْهَامَّتَانِ) قَالَ: خَضْرَاوَانِ. وَقَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} يَقُولُ: فَبِأَيِّ نِعَمِ رَبِّكُمَا الَّتِي أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ-بِإِثَابَتِهِ أَهْلَ الْإِحْسَانِ مَا وَصَفَ فِي هَاتَيْنِ الْجَنَّتَيْنِ- تُكَذِّبَانِ. وَقَوْلُهُ: {فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فِي هَاتَيْنِ الْجَنَّتَيْنِ اللَّتَيْنِ مِنْ دُونِ الْجَنَّتَيْنِ اللَّتَيْنِ هُمَا لِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ، عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ، يَعْنِي: فَوَّارَتَانِ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي تَنْضَخَانِ بِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَنْضَخَانِ بِالْمَاءِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، فِي قَوْلِهِ: {فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} قَالَ: يَنْضَخَانِ بِالْمَاءِ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: (نَضَّاخَتَانِ) قَالَ: تَنْضَخَانِ بِالْمَاءِ. حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ {فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} يَقُولُ: نَضَّاخَتَانِ بِالْمَاءِ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُمَا مُمْتَلِئَتَانِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: ثَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} قَالَ: مُمْتَلِئَتَانِ لَا تَنْقَطِعَانِ. وَقَالَ آخَرُونَ: تَنْضَخَانِ الْمَاءَ وَالْفَاكِهَةَ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، فِي قَوْلِهِ: {فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} قَالَ: بِالْمَاءِ وَالْفَاكِهَةِ. وَقَالَ آخَرُونَ: نَضَّاخَتَانِ بِأَلْوَانِ الْفَاكِهَةِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ {فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} قَالَ: نَضَّاخَتَانِ بِأَلْوَانِ الْفَاكِهَةِ. وَقَالَ آخَرُونَ: نَضَّاخَتَانِ بِالْخَيْرِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} يَقُولُ: نَضَّاخَتَانِ بِالْخَيْرِ. وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عُنِيَ بِذَلِكَ أَنَّهُمَا تَنْضَخَانِ بِالْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ الْمَعْرُوفُ بِالْعُيُونِ إِذْ كَانَتْ عُيُونَ مَاءٍ. وَقَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَبِأَيِّ نِعَمِ رَبِّكُمَا الَّتِي أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ-بِإِثَابَتِهِ مُحْسِنَكُمْ هَذَا الثَّوَابَ الْجَزِيلَ- تُكَذِّبَانِ؟.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَفِي هَاتَيْنِ الْجَنَّتَيْنِ الْمُدْهَامَّتَيْنِ فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أُعِيدَ ذِكْرُ النَّخْلِ وَالرُّمَّانِ وَقَدْ ذُكِرَ قَبْلُ أَنَّ فِيهِمَا الْفَاكِهَةَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُعِيدَ ذَلِكَ لِأَنَّ النَّخْلَ وَالرُّمَّانَ لَيْسَا مِنَ الْفَاكِهَةِ. وَقَالَ آخَرُونَ: هُمَا مِنَ الْفَاكِهَةِ وَقَالُوا: قُلْنَا هُمَا مِنَ الْفَاكِهَةِ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَجْعَلُهُمَا مِنَ الْفَاكِهَةِ، قَالُوا: فَإِنْ قِيلَ لَنَا: فَكَيْفَ أُعِيدَا وَقَدْ مَضَى ذَكَرُهُمَا مَعَ ذِكْرِ سَائِرِ الْفَوَاكِهِ؟ قُلْنَا: ذَلِكَ كَقَوْلِهِ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}، فَقَدْ أَمَرَهُمْ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى كُلِّ صَلَاةٍ، ثُمَّ أَعَادَ الْعَصْرَ تَشْدِيدًا لَهَا، كَذَلِكَ أُعِيدَ النَّخْلُ وَالرُّمَّانُ تَرْغِيبًا لِأَهْلِ الْجَنَّةِ. وَقَالَ: وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ}، ثُمَّ قَالَ {وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ}، وَقَدْ ذَكَرَهُمْ فِي أَوَّلِ الْكَلِمَةِ فِي قَوْلِهِ: {مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ}. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: " نَخْلُ الْجَنَّةِ جُذُوعُهَا مِنْ ذَهَبٍ، وَعُرُوقُهَا مِنْ ذَهَبٍ، وَكَرَانِيفُهَا مِنْ زُمُرُّدٍ، وَسَعَفُهَا كُسْوَةٌ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ، وَرُطَبُهَا كَالدِّلَاءِ، أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَلْيَنُ مِنَ الزَّبَدِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، لَيْسَ لَهُ عَجَمٌ ". قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ وَهْبٍ الذِّمَارِيِّ، قَالَ: " بَلَغَنَا أَنَّ فِي الْجَنَّةِ نَخْلًا جُذُوعُهَا مِنْ ذَهَبٍ، وَكَرَانِيفُهَا مِنْ ذَهَبٍ، وَجَرِيدُهَا مِنْ ذَهَبٍ وَسَعَفُهَا، كُسْوَةٌ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ، كَأَحْسَنِ حُلَلٍ رَآهَا النَّاسُ قَطُّ، وَشَمَارِيخُهَا مِنْ ذَهَبٍ، وَعَرَاجِينُهَا مِنْ ذَهَبٍ، وَثَفَارِيقُهَا مِنْ ذَهَبٍ، وَرُطَبُهَا أَمْثَالُ الْقِلَالِ، أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ وَالْفِضَّةِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَالسُّكَّرِ، وَأَلْيَنُ مِنَ الزُّبْدِ وَالسَّمْنِ. وَقَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} يَقُولُ: فَبِأَيِّ نِعَمِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ، يَقُولُ: فَبِأَيِّ نِعَمِ رَبِّكُمَا الَّتِي أَنْعَمَهَا عَلَيْكُمْ-بِهَذِهِ الْكَرَامَةِ الَّتِي أَكْرَمَ بِهَا مُحْسِنَكُمْ- تُكَذِّبَانِ. وَقَوْلُهُ: {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فِي هَذِهِ الْجِنَانِ الْأَرْبَعِ اللَّوَاتِي اثْنَتَانِ مِنْهُنَّ لِمَنْ يَخَافُ مَقَامَ رَبِّهِ، وَالْأُخْرَيَانِ مِنْهُنَّ مِنْ دُونِهِمَا الْمُدْهَامَّتَانِ خَيْرَاتُ الْأَخْلَاقِ، حِسَانُ الْوُجُوهِ. كَمَا حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ}، يَقُولُ: فِي هَذِهِ الْجِنَانِ خَيْرَاتُ الْأَخْلَاقِ، حِسَانُ الْوُجُوهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ: {خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} قَالَ: خَيْرَاتٌ فِي الْأَخْلَاقِ، حِسَانٌ فِي الْوُجُوهِ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} قَالَ: الْخَيْرَاتُ الْحِسَانُ: الْحُورُ الْعِينُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ، عَنْ قَتَادَةَ {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} قَالَ: خَيْرَاتُ الْأَخْلَاقِ، حِسَانُ الْوُجُوهِ. حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} قَالَ: فِي كُلِّ خَيْمَةٍ زَوْجَةٌ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ الصَّدَفِيُّ الدِّمْيَاطِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ هَاشِمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ، «عَنْأُمِّ سَلَمَةَقَالَتْ " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ: {فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} قَالَ: خَيْرَاتُ الْأَخْلَاقِ، حِسَانُ الْوُجُوهِ "». قَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} يَقُولُ: فَبِأَيِّ نِعَمِ رَبِّكُمَا الَّتِي أَنْعَمَ عَلَيْكُمَا-بِمَا ذَكَرَ- تُكَذِّبَانِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُخْبِرًا عَنْ هَؤُلَاءِ الْخَيْرَاتِ الْحِسَانِ) حُورٌ) يَعْنِي بِقَوْلِهِ حُورٌ: بِيضٌ، وَهِيَ جَمْعُ حَوْرَاءَ، وَالْحَوْرَاءُ: الْبَيْضَاءُ. وَقَدْ بَيَّنَامَعْنَى الْحُورِفِيمَا مَضَى بِشَوَاهِدِهِ الْمُغْنِيَةِ عَنْ إِعَادَتِهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ، قَالَ: ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّاتِ، عَنْ مُجَاهِدٍ (حُورٌ) قَالَ: بِيضٌ. قَالَ: ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ (حُورٌ) قَالَ: بِيضٌ. قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، (حُورٌ) قَالَ: النِّسَاءُ. حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عُبَيْدٌ قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ} الْحَوْرَاءُ: الْعَيْنَاءُ الْحَسْنَاءُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، الْحُورُ: سَوَادٌ فِي بَيَاضٍ. قَالَ: ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} قَالَ: الْحُورُ: الْبِيضُ قُلُوبُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: (مَقْصُورَاتٌ)، فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَأْوِيلُهُ أَنَّهُنَّ قُصِرْنَ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ، فَلَا يَبْغِينَ بِهِمْ بَدَلًا وَلَا يَرْفَعْنَ أَطْرَافَهُنَّ إِلَى غَيْرِهِمْ مِنَ الرِّجَالِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ، قَالَ: ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي يَحْيَى الْقَتَّاتِ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} قَالَ: قُصِرَ طَرْفُهُنَّ وَأَنْفُسُهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ. حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ (مَقْصُورَاتٌ)، قَالَ: قُصِرَ طَرْفُهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ فَلَا يُرِدْنَ غَيْرَهُمْ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، {مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} قَالَ: قَصَرْنَ أَنْفُسَهُنَّ وَأَبْصَارَهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ، فَلَا يُرِدْنَ غَيْرَهُمْ. حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ، قَالَ: ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ وَابْنُ الْيَمَانِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ {مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} قَالَ: قَصَرْنَ طَرْفَهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا حَكَّامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} قَالَ: قَصَرْنَ أَنْفُسَهُنَّ وَقُلُوبَهُنَّ وَأَبْصَارَهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ، فَلَا يُرِدْنَ غَيْرَهُمْ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ {مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} قَالَ: قُصِرَ طَرْفُهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ فَلَا يُرِدْنَ غَيْرَهُمْ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: (مَقْصُورَاتٌ) قَالَ: مَقْصُورَاتٌ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ فَلَا يُرِدْنَ غَيْرَهُمْ. وَقَالَ آخَرُونَ: عُنِيَ بِذَلِكَ أَنَّهُنَّ مَحْبُوسَاتٌ فِي الْحِجَالِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} قَالَ: مَحْبُوسَاتٌ فِي الْخِيَامِ. حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبُزُورِيُّ، قَالَ: ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، بِمِثْلِهِ. حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ إِسْرَائِيلُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (مَقْصُورَاتٌ) قَالَ: مَحْبُوسَاتٌ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ يَمَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْشَرٍ السِّنْدِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: مَحْبُوسَاتٌ فِي الْحِجَالِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} قَالَ: لَا يَبْرَحْنَ الْخِيَامَ. حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْهَبَّارِيُّ، قَالَ: ثَنَا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، فِي قَوْلِهِ: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} قَالَ: عَذَارَى الْجَنَّةِ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ وَأَبُو هِشَامٍ قَالَا ثَنَا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، مِثْلَهُ. حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: (مَقْصُورَاتٌ) قَالَ: الْمَحْبُوسَاتُ فِي الْخِيَامِ لَا يَخْرُجْنَ مِنْهَا. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: {مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} قَالَ: مَحْبُوسَاتٌ، لَيْسَ بِطَوَّافَاتٍ فِي الطُّرُقِ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَصَفَهُنَّ بِأَنَّهُنَّ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ، وَالْقَصْرُ: هُوَ الْحَبْسُ. وَلَمْ يُخَصِّصْ وَصْفَهُنَّ بِأَنَّهُنَّ مَحْبُوسَاتٌ عَلَى مَعْنًى مِنَ الْمَعْنَيَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا دُونَ الْآخَرِ، بَلْ عَمَّ وَصْفَهُنَّ بِذَلِكَ. وَالصَّوَابُ أَنْ يَعُمَّ الْخَبَرُ عَنْهُنَّ بِأَنَّهُنَّ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ، فَلَا يُرِدْنَ غَيْرَهُمْ، كَمَا عَمَّ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ: (فِي الْخِيَامِ) يَعْنِي بِالْخِيَامِ: الْبُيُوتَ، وَقَدْ تُسَمِّي الْعَرَبُ هَوَادِجَ النِّسَاءِ خِيَامًا وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيَدٍ: شَاقَتْكَ ظُعْنُ الْحَيِّ يَوْمَ تَحَمَّلُوا *** فَتَكَنَّسُوا قُطُنًا تَصِرُّ خِيَامُهَا وَأَمَّا فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَإِنَّهُ عُنِيَ بِهَا الْبُيُوتُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى، عَنْ سَعِيدٍ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} قَالَ: الدُّرُّ الْمُجَوَّفُ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، قَالَ: ثَنَا شَبَابَةُ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ طَلْحَةَ الْيَرْبُوعِيُّ، قَالَ: ثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} قَالَ: الْخَيْمَةُ لُؤْلُؤَةٌ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ فِي أَرْبَعَةِ فَرَاسِخَ، لَهَا أَرْبَعَةُ آلَافِ مِصْرَاعٍ مِنْ ذَهَبٍ. حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (فِي الْخِيَامِ) قَالَ: بُيُوتُ اللُّؤْلُؤِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَحْمَسِيُّ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا إِدْرِيسُ الْأَوْدِيُّ، عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، قَالَ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَتَدْرُونَ مَا حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ؟ الْخِيَامُ: دُرٌّ مُجَوَّفٌ. قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ فِي قَوْلِهِ: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} قَالَ: دُرٌّ مُجَوَّفٌ. وَبِهِ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ قَالَ: الْخَيْمَةُ: دُرَّةٌ مُجَوَّفَةٌ، فَرْسَخٌ فِي فَرْسَخٍ، لَهَا أَرْبَعَةُ آلَافِ مِصْرَاعٍ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ: ثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: ثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْخَيْمَةُ فِي الْجَنَّةِ مِنْ دُرَّةٍ مُجَوَّفَةٍ، فَرْسَخٌ فِي فَرْسَخٍ، لَهَا أَرْبَعَةُ آلَافِ مِصْرَاعٍ. حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، قَالَ: ثَنَا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ خُلَيْدٍ الْعَصْرِيِّ قَالَ: لَقَدْ ذُكِرَ لِي أَنَّ الْخَيْمَةَ لُؤْلُؤَةٌ مُجَوَّفَةٌ، لَهَا سَبْعُونَ مِصْرَاعَا، كُلُّ ذَلِكَ مِنْ دُرٍّ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَة َ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ: الْخِيَامُ: دُرٌّ مُجَوَّفٌ. قَالَ: ثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: الْخِيَامُ: دُرٌّ مُجَوَّفٌ. حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ وَيَعْلَى عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ (فِي الْخِيَامِ)، قَالَ: الدُّرُّ الْمُجَوَّفُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ (فِي الْخِيَامِ) قَالَ: خِيَامُ دُرٍّ مُجَوَّفٍ. قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ حَرْبِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: الْخِيَامُ: الْخَيْمَةُ: دُرَّةٌ مُجَوَّفَةٌ. حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ، قَالَ: ثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْطٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ: الْخَيْمَةُ دُرَّةٌ مُجَوَّفَةٌ. حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ الْيَمَانِ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ (فِي الْخِيَامِ): فِي الْحِجَالِ. قَالَ: ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ وَابْنُ الْيَمَانِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ (فِي الْخِيَامِ) قَالَ: فِي الْحِجَالِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا حَكَّامٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي قَيْسٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ (فِي الْخِيَامِ) قَالَ: خِيَامِ اللُّؤْلُؤِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثَنَا عِيسَى وَحَدَّثَنِي الْحَارِثُ، قَالَ: ثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: ثَنَا وَرْقَاءُ جَمِيعًا، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ (فِي الْخِيَامِ)، الْخِيَامُ: اللُّؤْلُؤُ وَالْفِضَّةُ، كَمَا يُقَالُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ}، ذُكِرَ لَنَا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ: الْخَيْمَةُ: دُرَّةٌ مُجَوَّفَةٌ، فَرْسَخٌ فِي فَرْسَخٍ، لَهَا أَرْبَعَةُ الْآفِ بَابٍ مِنْ ذَهَبٍ. وَقَالَ: قَتَادَةُ: كَانَ يُقَالُ: مَسْكَنُ الْمُؤْمِنِ فِي الْجَنَّةِ، يَسِيرُ الرَّاكِبُ الْجَوَادُ فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، وَأَنْهَارُهُ وَجِنَانُهُ وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْكَرَامَةِ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْخَيْمَةُ: دُرَّةٌ مُجَوَّفَةٌ، فَرْسَخٌ فِي فَرْسَخٍ، لَهَا أَرْبَعَةُ آلَافِ بَابٍ مِنْ ذَهَبٍ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ}، قَالَ: يُقَالُ: خِيَامُهُمْ فِي الْجَنَّةِ مِنْ لُؤْلُؤٍ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: {مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} قَالَ: الْخِيَامُ: الدُّرُّ الْمُجَوَّفُ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ثَنِي حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَارَةُ، «عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} قَالَ: دُرٌّ مُجَوَّفٌ "». حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ «كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "هِيَ الدُّرُّ الْمُجَوَّف" يَعْنِي الْخِيَامَ فِي قَوْلِهِ: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ}». حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} قَالَ: فِي خِيَامِ اللُّؤْلُؤِ. وَقَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} يَقُولُ: فَبِأَيِّ نِعَمِ رَبِّكُمَا الَّتِي أَنْعَمَ عَلَيْكُمَا-مِنَ الْكَرَامَةِ، بِإِثَابَةِ مُحْسِنِكُمْ هَذِهِ الْكَرَامَةَ- تُكَذِّبَانِ. وَقَوْلُهُ: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لَمْ يَمَسَّهُنَّ بِنِكَاحٍ فَيُدْمِيهِنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ. وَقَرَأَتْ قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ) بِكَسْرِ الْمِيمِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَفِي الَّذِي قَبْلَهُ. وَكَانَ الْكِسَائِيُّ يَكْسِرُ إِحْدَاهُمَا. وَيَضُمُّ الْأُخْرَى. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ مَا عَلَيْهِ قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ لِأَنَّهَا اللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ، وَالْكَلَامُ الْمَشْهُورُ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ. وَقَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} يَقُولُ: فَبِأَيِّ نِعَمِ رَبِّكُمَا الَّتِي أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ بِهَا-مِمَّا وَصَفَ- تُكَذِّبَانِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}. يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: يَنْعَمُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَكْرَمَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ هَذِهِ الْكَرَامَةَ، الَّتِي وَصَفَهَا فِي هَذِهِ الْآيَاتِ، فِي الْجَنَّتَيْنِ اللَّتَيْنِ وَصَفَهُمَا {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ}. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى الرَّفْرَفِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ رِيَاضُ الْجَنَّةِ، وَاحِدَتُهَا: رَفْرَفَةٌ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ} قَالَ: رِيَاضُ الْجَنَّةِِ. حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو نُوحٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ} قَالَ: الرَّفْرَفُ: رِيَاضُ الْجَنَّةِ. وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ الْمَحَابِسُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ} يَقُولُ: الْمَحَابِسُ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي. قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ}: قَالَ: الرَّفْرَفُ فُضُولُ الْمَحَابِسِ وَالْبُسُطِ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ} قَالَ: هِيَ الْبُسُطُ، أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُولُونَ: هِيَ الْبُسُطُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ غَزْوَانُ، (رَفْرَفٍ خُضْرٍ) قَالَ: فُضُولُ الْمَحَابِسِ. قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ هَارُونَ، عَنْ عَنْتَرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: فُضُولُ الْفُرُشِ وَالْمَحَابِسِ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: ثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَرْوَانَ، فِي قَوْلِهِ: (رَفْرَفٍ خُضْرٍ) قَالَ: فُضُولُ الْمَحَابِسِ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ} قَالَ: الرَّفْرَفُ الْخُضْرُ: الْمَحَابِسُ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ (رَفْرَفٍ خُضْرٍ) قَالَ: مَحَابِسُ خُضْرٌ. حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: (رَفْرَفٍ خُضْرٍ) قَالَ: هِيَ الْمَحَابِسُ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ} قَالَ: الرَّفْرَفُ: الْمَحَابِسُ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هِيَ الْمَرَافِقُ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ، قَالَ الْحَسَنُ: الرَّفْرَفُ: مَرَافِقُ خُضْرٌ، وَأَمَّا الْعَبْقَرِيُّ، فَإِنَّهُ الطَّنَافِسُ الثِّخَانُ، وَهِيَ جِمَاعٌ وَاحِدُهَا: عَبْقَرِيَّةٌ. وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الْبُسُطِ عَبْقَرِيًّا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلُهُ: {وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ} قَالَ: الزَّرَابِيُّ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثَنِي أَبِي، قَالَ: ثَنِي عَمِّي، قَالَ: ثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ} قَالَ: الْعَبْقَرِيُّ: الزَّرَابِيُّ الْحِسَانُ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ} قَالَ: الْعَبْقَرِيُّ: عِتَاقُ الزَّرَابِيِّ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: الْعَبْقَرِيُّ، الزَّرَابِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: ثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ، عَنْ قَتَادَةَ {وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ} قَالَ: الزَّرَابِيُّ. حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: ثَنَا ابْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ {وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ} قَالَ: زَرَابِيُّ. حَدَثَيْ يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ، قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ} قَالَ: الْعَبْقَرِيُّ: الطَّنَافِسِيُّ. وَقَالَ آخَرُونَ: الْعَبْقَرِيُّ: الدِّيبَاجُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثَنَا مِهْرَانُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُجَاهِدٍ {وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ} قَالَ: هُوَ الدِّيبَاجُ. وَالْقُرَّاءُ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ عَلَى قِرَاءَةِ ذَلِكَ {عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ} بِغَيْرِ أَلِفٍ فِي كِلَا الْحَرْفَيْنِ. وَذُكِرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرٌ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَلَا صَحِيحِ السَّنَدِ: "عَلَى رَفَارِفٍ خُضْرٍ وَعَبَاقِرِي" بِالْأَلِفِ وَالْإِجْرَاءِ. وَذُكِرَ عَنْ زُهَيْرٍ الفُرْقُبِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ "عَلَى رَفَارِفَ خُضْر" بِالْأَلِفِ وَتَرْكِ الْإِجْرَاءِ، "وَعَبَاقِرِيَّ حِسَان" بِالْأَلِفِ أَيْضًا، وَبِغَيْرِ إِجْرَاءٍ. وَأَمَّا الرَّفَارِفُ فِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ، فَإِنَّهَا قَدْ تَحْتَمِلُ وَجْهَ الصَّوَابِ. وَأَمَّا الْعَبَاقِرِيُّ، فَإِنَّهُ لَا وَجْهَ لَهُ فِي الصَّوَابِ عِنْدَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ؛ لِأَنَّ أَلِفَ الْجِمَاعِ لَا يَكُونُ بَعْدَهَا أَرْبَعَةُ أَحْرُفٍ، وَلَا ثَلَاثَةٌ صِحَاحٌ. وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ الْأُولَى الَّتِي ذُكِرَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَوْ كَانَتْ صَحِيحَةً، لَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْكَلِمَتَانِ غَيْرَ مُجْرَاتَيْنِ. وَقَوْلُهُ: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَبِأَيِّ نِعَمِ رَبِّكُمَا الَّتِي أَنْعَمَ عَلَيْكُمْ-مِنْ إِكْرَامِهِ أَهْلَ الطَّاعَةِ مِنْكُمْ هَذِهِ الْكَرَامَةَ- تُكَذِّبَانِ. وَقَوْلُهُ {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: تَبَارَكَ ذِكْرُ رَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ، {ذِي الْجَلَالِ}: يَعْنِي ذِي الْعَظَمَةِ، (وَالْإِكْرَامِ) يَعْنِي: وَمَنْ لَهُ الْإِكْرَامُ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ. كَمَا حَدَّثَنِي عَلِيٌّ، قَالَ: ثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: ثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: {ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} يَقُولُ: ذُو الْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ. آخِرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ.
|